(بين الوثائق التي بقيت محفوظة في سجلات الـحزب القومي الاجتماعي الوثيقة التي ننشرها في ما يلي وهي موجهة من الزعيم الى الرفيق صلاح الدين الأيوبي مدير مديرية فلنت ميشغن سابقاً.
إنّ لهذه الوثيقة أهمية توجيهية داخلية عالية فهي تشتمل على نقاط توجيهية لا تزال من الـمواضيع الـحاضرة التي تعرض اليوم، مع أنّ الوثيقة كتبت من نحو إحـدى عشرة سنـة!
من الـمواضيع الـمذكورة موضوع إنقاذ فلسطين وموضوع عضوية الرفقاء وموقفهم من جمعيات ومنظمات أخرى فنلفت أنظار الرفقاء إلى هذه الوثيقة:)
أيها الرفيق!
وردني كتابك (صادرة رقم 2) ويسرّني جداً ما لـمسته فيه من يقظة القومية الصحيحة في صدرك، ومن روحية طيبة يتحلى بها خلقك، ومن عزيـمة صادقة يدل عليها بيانك البسيط الصريح، ومن فهم لروح النظام الـمطلوب التقيد بها من كل من يدخل دائرة النهضة القومية الاجتماعية ويصير عضواً في الـحزب السوري القومي الاجتماعي. وإني أهنئك بنوالك ثقة معتمد الـحزب في الولايات الـمتحدة وثقتي بجدارتك لتكون مديراً لفرع ميشغن ساهراً على مصلحة الـحزب ونظامه ودستوره.
أرسلت تسأل «ما هو موقف الـحزب من قضية سورية الـجنوبية الـحاضرة وإلى أية طريقة يلجأ لـمساعدتها أو لتخفيف ويلاتها؟» وأنا أجيبك بسرور:
إنّ الـحزب السوري القومي الاجتماعي يقول بأن لسورية الطبيعية قضية قومية واحدة تندمج فيها كل القضايا الـجزئية أو الفرعية، كقضية فلسطين وشرق الأردن. والـحزب القومي الاجتماعي لا يرى وسيلة لإنقاذ فلسطين إلا بتعميم الـحزب السوري القومي الاجتماعي فيها وإيجاد الفروع النظامية وربط هذه الفروع بالـمركز بحيث تنشأ من ذلك إدارة واحدة متينة تتمكن من الاستعداد والتجهيز لكل أمر، بدلاً من إحداث الـحركات الفوضوية الـمضرة التي تحدث اعتباطاً من غير سابق درس وتخطيط وتكون نتيجتها وبالاً على السوريين، كما دلت على ذلك جميع الـحوادث السابقة. وفي الـحزب القومي الاجتماعي مؤسسات فنية كالـمكتب السياسي الذي يهتم بدراسة القضايا السياسية ومعالـجتها بالطرق الدبلوماسية الفنية ووضع الـخطط السياسية الدقيقة وهذه لا تعلن لأحد لا للأعضاء ولا لغيرهم، لأنها تشتمل على نقاط خفية وأسرار دولة الـحزب كما تشتمل وزارة خارجية أية دولة. على أسرار وخطط لا يجوز البوح بها للشعب إلا بعد تـحقيقها، حرصاً على سلامة الـخطة.
تـحب أن تعرف إذا كان يجوز لعضو الـحزب السوري القومي الاجتماعي أن يندمج في جامعة سياسية أخرى غير الـحزب حتى في حالة تشابه أهدافها مع أهداف الـحزب: والـجواب أنه لا يجوز مطلقاً لأن الـحزب القومي الاجتماعي هو دولة العضو ولا يجوز أن يكون له هوية غير هويته الـحزبية القومية الاجتماعية.
وهو إذا كان دخل الـحزب عن يقين بـمبادئه ونظامه وثقة بزعيمه وطاعة له فواجبه إعطاء كل حيويته للحزب القومي الاجتماعي لأنه الـحزب الذي يجب أن ينجح وينتصر ويصهر كل هيئة أخرى لتحقيق برنامجه القومي الاجتماعي السياسي وليس هنالك شيء يتمكن فرد من فعله لأمته ووطنه إلا يجد في مؤسسات الـحزب أفضل وسيلة لفعله. أما من كان يعتقد أنّ الأهداف الـمشابهة لها القيمة عينها التي لأهداف الـحزب وأنّ هنالك طرائق غير طرائق الـحزب القومي الاجتماعي لـخدمة القضية القومية الاجتماعية فهو ليس سورياً قومياً اجتماعياً ويجب ألا يكون في عداد أعضاء الـحزب. وإذا ظهر من عضو شيء من ذلك كان دليلاً على أنّ نفسيته وعقليته لم تصهرا صهراً كاملاً في الـحزب فهو لا يزال يعتبر نفسه غير مقيد كل التقييد بنظام الـحزب وأوامره وأنّ الـحزب غير كافٍ للقيام بكل ما تطلبه الـحركة القومية الاجتماعية وأنه يجوز أن تتعدد الأحزاب والهيئات العاملة لقضية قومية واحدة وهدف واحد وبرنامج واحد. فهو، إذاً على غير هدى من أمره ولا يجوز أن يبقى في عضوية الـحزب في هذه العقلية. وإني أهنئك لاتخاذك الـموقف الصحيح تـجاه محاولات الذين أرادوا الاشتراك في جمعية تسمى «الـجامعة العربية». ومن اسم هذه الـجمعية يتبين أنّ أهدافها مباينة لأهداف الـحزب القومي الاجتماعي فالـحزب له قضية قومية واحدة هي قضية القومية السورية أما مسألة الـجامعة العربية أو الـجبهة العربية فهي من الـمسائل التي يرى الـحزب أنّ سورية تكون مستعدة للتعاون فيها مع الأقطار العربية الأخرى التي يهمها إيجاد هذه الـجبهة أو الاشتراك فيها وبالتالي تكون قضية الـجبهة العربية قضية سياسية لا قضية قومية.
وبعد فالأعضاء يجب أن يكونوا قبل كل شيء قوميين اجتماعيين وأن يقوموا بواجباتهم القومية الاجتماعية قبل التقدم إلى أي عمل سياسي. ولا ينتدب للأعمال السياسية في الـحزب إلا الـمؤهلون لذلك الذين يأتيهم تكليف رسمي. أما باقي الأعضاء فيجب أن يتمموا واجباتهم القومية من ثقافة ونظام واجتماع وتـمرن وبث دعاوة واثقين بقضيتهم واثقين بزعيمهم وتدابيره واثقين بالقائمين بـمختلف الأعمال الـمنتدبين لها.
إنّ واجبات الأعضاء أن يكونوا قوميين اجتماعيين والإدارة تعيّن للمؤهلين منهم واجبات سياسية أو إدارية أو إذاعية أو غيرها.
ولتحي سورية.
في 11/12/1937
الزعيــم